في تحرك دفاعي بارز يعكس تصاعد الاهتمام بتحديث قدرات سلاح البحرية، وقّعت الهند اتفاقية ضخمة مع فرنسا لشراء 26 مقاتلة «رافال-إم» بقيمة 7.4 مليار دولار، وهي النسخة المخصصة للعمليات البحرية من المقاتلة الفرنسية الشهيرة، نقلاً عن رويترز.
بموجب الاتفاق، ستتسلم الهند 22 مقاتلة أحادية المقعد وأربع مقاتلات ثنائية المقعد، جميعها من إنتاج شركة داسو للطيران.
وتُعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تشغيل مقاتلات «رافال-إم» خارج فرنسا، ما يعكس تصاعد العلاقات الدفاعية بين نيودلهي وباريس، خصوصاً مع كون فرنسا ثاني أكبر مورد أسلحة للهند بعد روسيا.تأتي هذه الخطوة في وقت تعتمد فيه البحرية الهندية على طائرات «ميج 29» الروسية الصنع، بينما يشغل سلاح الجو الهندي 36 مقاتلة «رافال» منذ سنوات.ستنضم مقاتلات «رافال-إم» الجديدة إلى حاملة الطائرات المحلية الصنع «آي إن إس فيكرانت»، ما يعزز قدرات الهند البحرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خاصة مع تنامي المنافسة الإقليمية. وقد اختارت البحرية الهندية هذا الطراز بعد تقييم مكثف شمل أيضاً مقاتلات «F/A-18 سوبر هورنيت» الأميركية من إنتاج بوينغ، لكن الكفة رجحت لصالح الطائرة الفرنسية بفضل توافقها مع متطلبات التشغيل الهندية.ورغم أن هذه الصفقة بمثابة حلٍ مؤقت لسد الفجوة التشغيلية، فإنها تمنح الهند هامشاً من الوقت لاستكمال مشروعها الوطني الطموح لتطوير مقاتلات ذات محركين مخصصة للعمل على حاملات الطائرات، في خطوة تسعى من خلالها لتعزيز استقلالها الدفاعي وتقليل اعتمادها على الواردات الأجنبية.
الهند تعزز قدراتها البحرية وسط تصاعد الإنفاق العسكري العالمي
شهد الإنفاق العسكري العالمي ارتفاعاً مستمراً بين عامي 2001 و2023، إذ قفز من 1.14 تريليون دولار أميركي إلى 2.44 تريليون دولار، أي ما يقارب الضعف خلال عقدين.هذا التصاعد يعكس تنامي التوترات الجيوسياسية والاستثمارات الضخمة في تحديث القوات المسلحة حول العالم.وتأتي صفقة الهند البالغة 7.4 مليار دولار لشراء مقاتلات «رافال-إم» كجزء من هذا السباق العالمي نحو تعزيز القدرات الدفاعية، خصوصاً في ظل التنافس الإقليمي في آسيا.
الولايات المتحدة والصين والهند في صدارة الإنفاق العسكري عام 2023
تصدرت الولايات المتحدة قائمة الإنفاق العسكري العالمي عام 2023 بقيمة 916 مليار دولار أميركي، تلتها الصين بـ296 مليار دولار، ثم روسيا بـ109 مليارات دولار.اللافت أن الهند جاءت رابعة بإنفاق بلغ 83.6 مليار دولار، ما يؤكد توجه نيودلهي لتعزيز موقعها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.وتُعد صفقة شراء مقاتلات «رافال-إم» جزءاً من هذا التوسع الاستراتيجي لتحديث الأسطول الهندي وزيادة جاهزيته البحرية.
الهند تعزز أسطولها البحري وسط منافسة شرسة على السيادة الجوية
بلغت صادرات الطيران والفضاء الفرنسية 53.5 مليار دولار أميركي في 2023، لتحتل فرنسا المرتبة الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة. هذا الأداء القوي يعزز مكانة فرنسا كمورد رئيسي للسلاح المتطور، وهو ما انعكس في فوز شركة داسو للطيران بعقد توريد مقاتلات «رافال-إم» للهند. تعكس هذه الصفقة ليس فقط التعاون الدفاعي العميق بين نيودلهي وباريس، بل أيضاً الرغبة الهندية في تنويع مصادر تسلحها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على المعدات الروسية.تستحوذ الولايات المتحدة على 25 في المئة من الأسطول العسكري العالمي للطائرات، تليها روسيا بنسبة 8 في المئة والصين بـ6 في المئة.أما الهند فتأتي في المرتبة الرابعة بحصة 4 في المئة من الأسطول العالمي، ما يعكس سعيها المتواصل إلى تعزيز قدراتها الجوية والبحرية.تأتي هذه الصفقة في سياق استراتيجي مهم، إذ تسعى الهند إلى تعزيز حضورها البحري في ظل التنافس المتزايد في المحيطين الهندي والهادئ. ومن شأن إدخال مقاتلات «رافال-إم» أن يمنح البحرية الهندية قدرة أعلى على تنفيذ العمليات البحرية المعقدة، لا سيما مع تصاعد التوترات الإقليمية وتنامي الاهتمام العالمي بطرق التجارة البحرية. كما تعكس الصفقة تطوراً لافتاً في مسار العلاقات الهندية الفرنسية، في وقت تتجه فيه نيودلهي إلى تنويع مصادر تسلحها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على الأسلحة الروسية.