في زمن أصبحت فيه كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، تحوّل النجوم إلى علامات تجارية متحركة، وأيقونات استثمارية توازي قيمتها داخل الملعب، خارجه، ولا شك أن محمد صلاح، جناح ليفربول وأيقونة الكرة المصرية، يُعدّ من أبرز النماذج التي جسّدت هذه المعادلة ببراعة.
محمد صلاح، الذي حمل آمال جماهير مصر وأفريقيا لسنوات، لم يكتفِ بإنجازاته الفنية وأهدافه الحاسمة التي جعلته أحد أساطير ليفربول، بل بدأ مبكرًا في التخطيط لمستقبله المالي بعيدًا عن المستطيل الأخضر.
هذا الوعي المبكر تجلّى في إطلاق شركته التجارية الخاصة بحقوق الصور وصفقات الرعاية في العاصمة البريطانية لندن، تحت اسم “Salah UK Commercial Ltd”، وذلك منذ عام 2014، عندما كان لا يزال في بداية رحلته مع تشيلسي.
ورغم أن المشروع بدأ بهدوء، إلا أنه تحوّل تدريجيًا إلى ما يشبه الإمبراطورية المصغرة، محققة أرباحًا قياسية في السنوات الأخيرة، مستفيدة من الشعبية الجارفة التي يتمتع بها النجم المصري داخل وخارج بريطانيا.
محمد صلاح.. من جناح حاسم إلى عقلية استثمارية
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ذا صن” البريطانية، فقد حققت شركة صلاح أرباحًا قدرها 37 مليون جنيه إسترليني، بزيادة تُقدّر بـ 3.3 مليون جنيه إسترليني عن العام السابق، أي ما يعادل أكثر من 275 ألف جنيه شهريًا، وذلك بخلاف ما يتقاضاه من نادي ليفربول.
تعكس هذه الأرقام تطورًا لافتًا في الأداء المالي للشركة، والتي تعتمد على حقوق استخدام صورة صلاح في الحملات الإعلانية والعلامات التجارية الكبرى، مثل “أديداس”، “بيبسي”، و”فودافون مصر”، إلى جانب عقود رعاية حصرية في الشرق الأوسط وأوروبا.
⚽️🔥 محمد صلاح من ركلة جزاء يمنح ليفربول هدف التقدم#الدوري_الإنجليزي_الممتاز#PremierLeague pic.twitter.com/4zziRGGd5s— beIN SPORTS (@beINSPORTS) March 8, 2025
لا تزال القيمة السوقية لصلاح عند مستوى مرتفع رغم اقترابه من الثلاثينيات، إذ تبلغ وفقًا لموقع “ترانسفير ماركت” 55 مليون يورو، مما يضعه في المركز الثاني ضمن قائمة أغلى اللاعبين أصحاب العقود المنتهية في 2025، خلف زميله في ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد.
تفكير محمد صلاح فيما بعد الكرة
ما فعله صلاح ليس استثناءً، بل جزء من موجة متصاعدة بين لاعبي كرة القدم للتفكير في ما بعد الاعتزال، فالجيل الجديد بات يدرك أن الحياة الرياضية قصيرة، وأن التواجد في الدوري الإنجليزي أو دوري أبطال أوروبا لا يعني أمانًا أبديًا، لذلك أصبح الاتجاه نحو تأسيس شركات، الاستثمار في التكنولوجيا، الموضة، والرياضات الإلكترونية أمرًا شائعًا.
لكن ما يميز صلاح هو احترافيته الشديدة في بناء صورته الذهنية، فهو لا يشارك في أي حملة إلا بعد دراسة، ولا يوقع أي عقد إلا مع ما يتماشى مع صورته كلاعب ملتزم، متواضع، وناجح.
مع اقتراب صلاح من سنوات ختام مسيرته الرياضية، يبدو أن شركته التجارية مرشحة لمزيد من التوسع، خاصة في ظل الشعبية التي يحظى بها في الشرق الأوسط، وأسواق آسيا وأمريكا.
Salah semi-final golazo 😮💨#UCL pic.twitter.com/5U0yP8RYVE— UEFA Champions League (@ChampionsLeague) April 24, 2025
وتشير توقعات خبراء التسويق الرياضي إلى أن العلامة التجارية الخاصة بصلاح قد تتجاوز حاجز الـ50 مليون جنيه إسترليني سنويًا في حال انتقل إلى دوري جديد، أو دخل شراكات إعلامية كبرى.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن مستقبل محمد صلاح كـ”بيزنس مان” قد يكون أكثر إشراقًا حتى من مسيرته الكروية، نظرًا لتأثيره الثقافي والرياضي، وقدرته على توصيل رسائل اجتماعية وإنسانية تلقى صدى واسعًا لدى الجماهير.