جاءت سياسات الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقلب المشهد رأساً على عقب، مثيرة مخاوف واسعة من انزلاق الاقتصاد العالمي نحو الركود هذا العام، بحسب استطلاع حديث أجرته رويترز شمل مئات الاقتصاديين حول العالم.
وبعد أن توقع الخبراء قبل ثلاثة أشهر نمواً عالمياً قوياً وثابتاً، أدى تصعيد ترامب في فرض الرسوم على جميع الواردات الأميركية إلى هزة عنيفة في الأسواق المالية، ما تسبب في خسائر تُقدَّر بتريليونات الدولارات في أسواق الأسهم، وأضعف الثقة في الأصول الأميركية، بما فيها الدولار الذي طالما اعتُبر ملاذاً آمناً.
وفي هذا السياق، قال جيمس روسيتر، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي لدى «تي دي سيكيوريتيز»، «الوضع معقد للغاية، حتى التخطيط لبضعة أشهر مقبلة بات مستحيلاً في ظل هذه الفوضى، فما بالك بالتخطيط لعام أو خمسة أعوام قادمة».أمام هذه الضبابية، عمدت العديد من الشركات العالمية إلى خفض أو سحب توقعاتها للإيرادات، وبحسب الاستطلاع لم يُبدِ أي من أكثر من 300 اقتصادي شملهم الاستطلاع بين الأول والثامن والعشرين من أبريل أي تفاؤل بتأثير الرسوم على ثقة الأعمال، إذ رأى 92 في المئة منهم أن الأثر كان «سلبياً»، فيما وصفه 8 في المئة فقط بأنه «محايد»، غالبيتهم من اقتصادات ناشئة مثل الهند.أما على صعيد النمو العالمي، فقد خفّض نحو ثلاثة أرباع الاقتصاديين توقعاتهم لعام 2025، مع تراجع المتوسط إلى 2.7 في المئة مقارنة بـ3.0 في المئة في استطلاع يناير كانون الثاني، ورغم أن صندوق النقد الدولي أبقى توقعه عند مستوى 2.8 في المئة، فإن الاتجاه العام يشير إلى تزايد التشاؤم.على مستوى الاقتصادات الفردية، شهدت التوقعات تراجعاً في 28 من أصل 48 اقتصاداً شملها الاستطلاع، فيما بقيت التوقعات دون تغيير لعشرة اقتصادات، وتحسنت بشكل طفيف لعشرة أخرى أبرزها الأرجنتين وإسبانيا نتيجة تطورات محلية.وبينما حافظت كل من الصين وروسيا على توقعات نمو عند 4.5 في المئة و1.7 في المئة على التوالي، تراجعت التوقعات لكل من المكسيك وكندا بشكل لافت إلى 0.2 في المئة و1.2 في المئة على الترتيب، مع الإشارة إلى أن معظم هذه التخفيضات جاءت خلال الشهر الأخير.ومع ترجيح استمرار هذا الاتجاه الهبوطي في 2026 أيضاً، يبدو أن تداعيات الحرب التجارية التي أطلقها ترامب عميقة ولن يكون من السهل معالجتها.وعند سؤال الاقتصاديين عن احتمالية دخول الاقتصاد العالمي في ركود هذا العام، أجاب 60 في المئة بأن المخاطر «مرتفعة أو مرتفعة جداً»، مقابل 40 في المئة وصفوها بأنها «منخفضة»، منهم أربعة فقط اعتبروها «منخفضة جداً».من جانبه، قال تيموثي غراف، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى «ستيت ستريت»، إن البيئة الحالية «تجعل من الصعب للغاية التفاؤل بالنمو»، مضيفاً أن الضرر الحاصل من الرسوم قد يبقى قائماً حتى لو أُلغيت اليوم، نظراً لما ألحقته من ضرر بصورة أميركا كطرف موثوق في الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف سواء في التجارة أو الدفاع المشترك.(رويترز)