يبدو أن الرئيس دونالد ترامب يتراجع عن بعض مواقفه الأكثر تطرفاً بشأن الاقتصاد، فيوم الثلاثاء خفف ترامب من حدة موقفه من قضيتين رئيسيتين كانتا تُسببان كوابيس لوول ستريت، فقد أشار إلى انفتاحه على تخفيف الرسوم الجمركية على الصين، وقال إنه «لا ينوي» إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول.
وفي لقاء صحفي في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، امتنع ترامب أيضاً عن مهاجمة باول.
لكن الأسهم الأميركية لا تزال منخفضة بنسبة 11 في المئة منذ تولي ترامب منصبه في يناير، متأثرة بقرارات ورسائل متضاربة من البيت الأبيض حول أجندة تعريفات جمركية من شأنها أن تُحدث تغييراً جذرياً في التجارة العالمية وتعوق النمو الاقتصادي.على الرغم من الانتعاش الأخير، فقد خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ما يقرب من 7 تريليونات دولار من قيمته منذ أن سجل مستويات قياسية قبل شهرين فقط.بعد كل هذا الانهيار سيعتبر السوق أي إشارة إلى تراجع ترامب عن الرسوم الجمركية أو احترامه لاستقلال الاحتياطي الفيدرالي، ولو مؤقتاً، انتصاراً لوول ستريت.صرح جاستن وولفرز، أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة في جامعة ميشيغان، لشبكة CNN «الأسواق مرعوبة من التصرفات التي يفعلها، وعندما لا يفعلها تشعر الأسواق بسعادة غامرة».لكن وولفرز وغيره من الاقتصاديين أعربوا عن قلقهم إزاء الضرر الذي وقع بالفعل «من الواضح أن الاقتصاد سيتباطأ. السؤال هو: إلى أي مدى؟».يشير الخبراء إلى ارتفاع خطر حدوث ركود هذا العام، ربما بنسبة تتراوح بين 50 في المئة و70 في المئة، ويشير جميعهم تقريباً إلى أن هذه الاحتمالات تتغير مع تغير أجندة ترامب باستمرار بشأن الرسوم الجمركية.وحتى لو أُلغيت جميع تعريفات ترامب الجمركية اليوم، ستخسر الولايات المتحدة ما لا يقل عن 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب حالة عدم اليقين السياسي، وفقاً لكينت سميترز، أستاذ اقتصاديات الأعمال والسياسات العامة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، وأضاف «نتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في نهاية المطاف بنسبة 5 في المئة إذا طُبقت جميع التعريفات».ولم تُجرِ إدارة ترامب أي نقاش عام حول إلغاء التعريفات الجمركية، والتي تُعتبر وحدها شديدة القسوة حتى لو تغاضينا عن الصين.قد تُخفض أميركا التعريفات الجمركية على الصين، لكنها «لن تُصبح صفراً»، وفقاً لترامب، وستبقى التعريفات الجمركية الشاملة بنسبة 10 في المئة، والتعريفات الجمركية بنسبة 25 في المئة على السيارات والصلب والألومنيوم وبعض المنتجات المكسيكية والكندية.ووفقاً لمسؤول كبير في البيت الأبيض تحدث لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن التعريفات الجمركية الحالية البالغة 145 في المئة على الصين قد تنخفض إلى «ما بين 50 في المئة و65 في المئة تقريباً».وسيظل هذا مُسبباً للاضطرابات بشكل كبير.إن صداع ترامب تجاوز مجرد التكاليف المالية، فقد أصيب قادة الأعمال بالشلل بسبب عدم الوضوح، كما هو الحال مع بعض أقرب حلفاء أميركا وشركائها التجاريين حول العالم.صرح غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة إرنست ويونغ، في تقرير صدر أمس الأربعاء «لقد أدت سياسة الرسوم الجمركية المتقطعة التي تنتهجها الإدارة الأميركية إلى أزمة ثقة».وستستغرق استعادة تلك الثقة المفقودة وقتاً، لا سيما أن الرسوم الجمركية الأميركية قابلة للزيادة أو التخفيض في أي وقت، وغالباً دون سابق إنذار.ووفقاً لدراسة أجراها الاحتياطي الفيدرالي فإن 75 في المئة من الشركات قالت إنها لن تزيد نفقاتها الرأسمالية خلال الأشهر الستة المقبلة، فالجميع يحبسون أنفاسهم لأنهم لا يعرفون السياسة التي ستُطبق غداً.وكان هذا القلق واضحاً في المسح الدوري للشركات الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي، الذي صدر أمس الأربعاء، حيث وجد الفيدرالي أن الشركات، في مختلف القطاعات، أفادت بإيقاف أو إبطاء التوظيف ريثما تتضح الأمور.في غضون ذلك، تضررت سمعة أميركا، محلياً ودولياً، حتى أن بعض أقرب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها التجاريين يجدون صعوبة في فهم منطق حرب ترامب التجارية.