من تحديات النمو إلى احترافية الأداء.. تأهيل الكفاءات طريقنا نحو 30 مليون سائح

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!


في ظل التحديات العالمية التي تواجه قطاع السياحة، وما تمر به منطقة الشرق الأوسط من أزمات جيوسياسية واقتصادية متلاحقة، تسير الدولة المصرية بخطى سريعة نحو تحقيق هدف طموح، استقطاب 30 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2028، وهو ما أعلنته الحكومة رسميًا في الاستراتيجية القومية لتنمية السياحة 2022–2028، رؤية تتجاوز إنشاء الفنادق وتطوير البنية التحتية، لتضع العنصر البشري في قلب المعادلة.

محتويات المقال

من تحديات النمو إلى احترافية الأداء.. تأهيل الكفاءات طريقنا نحو 30 مليون سائح

فالمعضلة الكبرى لم تعد في الغرف الشاغرة، بل فيمن يشغلها بكفاءة واحتراف. تشير التقديرات إلى أن قطاع السياحة في مصر سيحتاج إلى ما لا يقل عن 100 ألف عامل مؤهل خلال السنوات الخمس المقبلة، لمواكبة التوسع الكبير الذي تشهده المنشآت الفندقية، والتي بلغ عددها حتى نهاية 2024 نحو 1284 منشأة، بطاقة استيعابية 228،146 غرفة، مع خطة للوصول إلى 400 ألف غرفة.

غير أن الواقع يكشف عن تحدٍ خفي يهدد هذا النمو: نقص العمالة السياحية المدربة، فكثير من الكفاءات هجرت القطاع بعد جائحة كورونا، ولم تعد منظومة التدريب الحالية كافية لتعويض هذا النزيف البشري، في ظل غياب خطة قومية متماسكة للتأهيل والتدريب.

جهود وزارة السياحة والآثار

رغم جهود وزارة السياحة والآثار، ومنها إطلاق منصة إلكترونية للتدريب، وتنفيذ برامج استفاد منها أكثر من 20 ألف عامل خلال 2024، تظل هذه المبادرات غير كافية لمجاراة التوسع الكمي والنوعي في المنشآت، ويبقى السؤال: هل هذه المبادرات شاملة؟ هل تصل لكل المحافظات؟ هل هناك منظومة متابعة وتقييم حقيقية؟

تأهيل عامل سياحي واحد قد يكلف ما بين 10 و20 ألف جنيه، ومع احتياج السوق لـ100 ألف عامل، فنحن أمام استثمار ضروري في رأس المال البشري لا يقل عن مليار جنيه، استثمارٌ لا يهدف فقط إلى تأهيل موظف، بل إلى تحسين تجربة سائح، ورفع اسم مصر على خريطة السياحة العالمية.

من هنا تبرز الحاجة الملحّة إلى إطلاق صندوق وطني لتأهيل الكفاءات السياحية، يكون مسؤولًا عن تمويل برامج التدريب وتوسيع نطاقها لتصل إلى جميع المحافظات، بما في ذلك المناطق الحدودية والمقاصد السياحية الناشئة. 

كما ينبغي تحفيز الفنادق العالمية والسلاسل الفندقية الكبرى على إنشاء أكاديميات تدريب محلية، تضمن نقل الخبرات الدولية إلى العاملين في السوق المصرية، ولا يمكن تحقيق ذلك دون شراكة فاعلة بين الدولة والقطاع الخاص، تقوم على توزيع الأدوار وتوحيد معايير الجودة في التدريب، وفي الوقت ذاته، لا بد من تحسين بيئة العمل داخل القطاع السياحي، سواء من حيث الأجور أو الحوافز أو فرص التدرج المهني، بهدف الحد من ظاهرة التسرب المهني، واستعادة الثقة والانتماء لدى الشباب الذين يمثلون العمود الفقري لصناعة السياحة في مصر.

في النهاية، السائح لا يعود لزيارة بلد لأنه رأى الأهرامات فقط، بل لأنه وجد ابتسامة، واستقبالًا محترفًا، وخدمة تليق ببلد عريق. الرهان الحقيقي في معركة السياحة ليس على عدد الغرف.. بل على من يشغلها.

المصدر القاهرة 24



‫0 تعليق

اترك تعليقاً