قبل أيام فقط من إتمام صفقة شراء منزل في لوس أنجلوس، تلقى الوسيط العقاري سكوت برايس اتصالاً نادر الحدوث في مسيرته الممتدة عشرين عاماً بشأن أن المشتري قرر الانسحاب.
أصبحت هذه الحادثة، التي وصفها برايس بغير المعتادة، أكثر شيوعاً في الأسواق الأميركية. فخلال الفترة بين 17 مارس آذار و13 أبريل نيسان، أُلغي أكثر من 14 في المئة من عقود شراء المنازل، وفقاً لبيانات قدمتها شركة «ريدفين» لشبكة CNN، وهو أعلى معدل لهذه الفترة منذ بداية جائحة كورونا في 2020.
أطلق إعلان ترامب عن تعريفات جمركية جديدة في بداية أبريل نيسان، قبل أن يقرر تجميد بعضها لمدة 90 يوماً، تحذيرات من موجة تضخم قد تطول كل شيء من الأحذية إلى الأثاث، وأثار توقعات بدخول الاقتصاد الأميركي في ركود خلال 2025.في هذا السياق القلق، سجلت مبيعات المنازل القائمة، التي تشكل الجزء الأكبر من سوق العقارات، تراجعاً بنسبة 5.9 في المئة في مارس آذارمقارنة بشهر فبراير شباط، وهو أضعف أداء لشهر مارس آذار منذ عام 2009، بحسب الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين.وبينما كان هناك أمل بأن يشهد موسم الربيع هذا العام انتعاشاً مقارنة بالركود العقاري في 2024، جاءت تقلبات البورصة لتزيد الطين بلة، خاصة مع خسارة المؤشرات الرئيسية مثل «داو جونز» أكثر من 9.1 في المئة خلال أول ثلاثة أسابيع من أبريل نيسان، في أسوأ أداء له لشهر أبريل نيسان منذ عام 1932.وسط هذا الاضطراب، بات المشترون، لا سيما من الفئة الشابة، أكثر تردداً. وأوضحت مادي ميكستر، وهي وسيطة عقارية في تاكوما بواشنطن، أن القلق من مستقبل الأسواق يدفع كثيرين للعزوف عن سحب مدخراتهم من الأسهم أو المجازفة في الشراء، خصوصاً مع ارتفاع الفائدة على الرهون العقارية التي ارتبطت بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.5 في المئة.وأشارت ميكستر إلى أن كل ارتفاع بسيط في معدل الفائدة يشكل عبئاً كبيراً على المشترين الجدد، ما يجعل الخيارات المحدودة والجاهزة للسكن أكثر جاذبية، مع ابتعادهم عن المنازل التي تتطلب تجديدات مكلفة، خاصة مع ارتفاع أسعار مواد البناء والأجهزة المنزلية بسبب الرسوم الجمركية الجديدة.من جانبه، نصح المخطط المالي دوغلاس بونبارث الراغبين بشراء منازل قريباً بعدم الاعتماد الكامل على محافظهم الاستثمارية في سوق الأسهم، داعياً إلى الاحتفاظ بسيولة كافية لتغطية تكاليف الشراء والنقل والتأثيث وسط حالة عدم اليقين السائدة.رغم ذلك، أشار بعض الوكلاء إلى تزايد اهتمام فئة من المشترين الأكبر سناً بالاستثمار العقاري، مستفيدين من تصفية جزء من استثماراتهم قبيل التراجعات الحادة الأخيرة في الأسواق، ما يعكس بحثهم عن ملاذات استثمارية أكثر استقراراً.تأتي هذه التطورات امتداداً لتباطؤ ملحوظ شهده سوق الإسكان الأميركي في 2024 بفعل ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع القدرة الشرائية، ما دفع بالآمال لأن يكون ربيع 2025 نقطة تحول إيجابية، قبل أن تتجدد الضغوط بفعل تصعيد سياسات الحمائية التجارية والمخاوف المتزايدة من ركود اقتصادي محتمل.(سامانثا ديلويّا، CNN)