عندما أدى النقص الحاد في معروض الأرز إلى ارتفاع حاد في الأسعار في اليابان العام الماضي، قام أراتا هيرانو، صاحب مطعم شوكودو أراتا في طوكيو، بالتحول إلى استهلاك الأرز الأميركي.
ورغم تضاعف سعر الأرز الكاليفورني منذ الصيف الماضي، فهو ما زال أرخص بكثير من الحبوب المزروعة محلياً.وقد يُنذر استعداد اليابانيين لاستهلاك الأرز الأجنبي بنقطة ضعف جديدة في محادثات التعريفات الجمركية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي انتقد الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها اليابان على الأرز الأميركي.
ارتفعت أسعار الجملة للأرز المحلي بنحو 70 في المئة خلال العام الماضي لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ بدء تسجيل البيانات بشكلها الحالي في عام 2006.تضررت المحاصيل من الحر الشديد، بينما زاد إقبال السائحين على اليابان وعلى مطاعم الأرز الياباني، ولا ننسى ارتفاع التضخم العام وتأثيره على تكلفة المعيشة.تراهن الشركات الآن على أن شعباً معروفاً بأذواقه المتميزة وفخره بحبوبه الأساسية منفتح على التغيير والتعرف على حبوب أخرى.بدأت شركة «أيون» العملاقة للسوبر ماركت الأسبوع الماضي بيع مزيج أميركي ياباني بنسبة 20: 80، وهو أرخص بنحو 10 في المئة من الأرز المحلي، بعد أن أثبتت مبيعات تجريبية نجاحاً كبيراً، وبدأت سلسلة مطاعم الوجبات السريعة «ماتسويا» وشركة تشغيل المطاعم «كولويدي» تقديم الأرز الأميركي الخالص هذا العام، وفي سلسلة السوبر ماركت «سيايا» كان الأرز التايواني هو البطل.يُمثل هذا تناقضاً صارخاً مع ما حدث أثناء أزمة الأرز في عام 1993، عندما تم تجنب الأرز التايلاندي الذي استوردته الحكومة اليابانية خلال أزمة نقص أرز حادة، ما ترك المتاجر الكبرى مع أكوام من أكياس الأرز الراكدة.وبغض النظر عن حالات النقص النادرة، فخلال معظم العقود الستة الماضية، كان لا بد أن يكون «الأرز الأساسي» في اليابان، الذي يُستهلك في الوجبات على عكس الأرز المستخدم كعلف أو في منتجات أخرى، مزروعاً محلياً.لم تكن هناك حاجة كبيرة للواردات، وتم فرض رسوم جمركية مرتفعة لضمان الاكتفاء الذاتي الياباني من غذائها الأساسي، وحماية المزارعين المحليين من المنافسة.تُحدد اليابان الحد الأقصى لواردات «الأرز الأساسي» المُعفاة من الرسوم الجمركية، بـ100,000 طن متري سنوياً، أي نحو 1 في المئة من إجمالي الاستهلاك، وقد استحوذت الولايات المتحدة على نحو 60 في المئة من هذه الكمية في السنة المالية الماضية، تليها أستراليا وتايلاند وتايوان.وأي زيادة عن هذه الكمية تخضع لضريبة قدرها 341 يناً لكل كيلوغرام.عندما أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على معظم دول العالم هذا الشهر، انتقد اليابان بشدة لفرضها رسوماً جمركية بنسبة 700 في المئة على الأرز المستورد.على الجانب الآخر وصف صانعو السياسات اليابانيون تصريحات ترامب حول هذا الموضوع الحساس بأنها «مؤسفة»، كما شككوا في نسبة (700 في المئة)، قائلين إنه يستند إلى أسعار أرز عالمية قديمة.وليس من الواضح هل ستُناقش مسألة الأرز في مفاوضات التعريفات الجمركية الثنائية التي بدأت هذا الأسبوع، حيث يعتقد بعض المحللين أن إدارة ترامب الجمهورية قد لا تُركز على الأرز، إذ تأتي الصادرات إلى اليابان من كاليفورنيا، الولاية ذات التوجه الديمقراطي، كما أنه من المرجح أن تطالب اليابان بتنازلات ضخمة من الولايات المتحدة لفتح سوق الأرز.وفي إشارة إلى احتمال وجود مجال للتغيير، اقترحت لجنة استشارية لوزارة المالية يوم الثلاثاء التوسع في واردات الأرز الأساسي، قائلةً إن رفع سقف الإعفاء الجمركي لأكثر من 100 ألف طن قد يُساعد في استقرار العرض.لكن من غير المرجح أن يُخاطر الحزب الليبرالي الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء، شيجيرو إيشيبا، بإثارة غضب المزارعين، الذين يُشكلون قاعدة دعم قوية، قبل انتخابات مجلس الشيوخ في يوليو.الواضح أن نقص المعروض لا يزال يُمثل مشكلة.في السنة المالية التي انتهت في مارس، وصلت واردات الأرز الأساسي المعفاة من الرسوم الجمركية إلى الحد الأقصى لأول مرة منذ سبع سنوات، كما تضاعفت كمية الواردات الخاضعة للرسوم الجمركية، وإن كانت لا تزال ضئيلة، أربع مرات في أول 11 شهراً من السنة المالية 2024، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى نحو 1500 طن.وفي 2025 تقوم شركة كانيماتسو، مستوردة الأرز، باستيراد أول شحنة ضخمة من الأرز الأميركي الأساسي، بقيمة 10 آلاف طن.وصرح متحدث باسم شركة كانيماتسو«نتلقى العديد من الاستفسارات من قطاع المطاعم والمتاجر الصغيرة ومحلات السوبر ماركت وتجار الجملة للأرز».في الأسبوع المنتهي في 6 أبريل، بلغ متوسط أسعار الأرز في محلات السوبر ماركت اليابانية 4214 يناً (29.65 دولار) لكل 5 كيلوغرامات، مسجلاً بذلك ارتفاعاً للأسبوع الرابع عشر على التوالي، أي أكثر من ضعف فترة الارتفاع المتواصل في العام السابق، على الرغم من قيام الحكومة بضخّ «نادر» للأرز من مخزونات الطوارئ الحكومية، والذي بدأ الشهر الماضي ومن المقرر أن يستمر حتى يوليو تموز.